في هذه الأيام التي يعم الأمن والأمان والرخاء هذه البلاد الطيبة، المعروفة بعاطفة أهلها، فازدهر الوطن وأصبح الناس في خير يتمتعون بكامل حرياتهم، كيف لا ونحن نعيش أكبر نعمة من الله الأمن والأمان، حتى أصبح المجتمع السعودي من أرقى المجتمعات الإسلامية، وأصبحت المرأة السعودية ملكة في بيتها وعملها، تقدم لها كل الخدمات من نقل ومشتريات وخدمة منزلية، فتجد من يقضي لها جميع حوائجها دون أن تهان أو تمتهن، ولكن الحاجة أصبحت ماسة لوجود الخادمات في المنزل، وما لمسناه من معاملة المجتمع السعودي لا نجد إلا الإحسان والرحمة والرأفة في أغلب الحالات، إلا أننا نجد من بعض الخادمات عكس ذلك، فهذه تقتل، وتلك تنتقم، والأخرى تسحر، فكثرت الحالات، وكثرت الانتحارات، وأصبح هوس الخادمات حديث المجالس والسمر، وكأننا أمام كابوس يهدد المنازل في كل مكان، ومع شديد الأسف، نجد صحف دولهم تنافح وتناضل وتدافع عنهم، وتتهم المجتمع السعودي بالقسوة وعدم الرأفة والرحمة، يا للعجب! كيف أصبح المحسن مسيئا، والبريء متهما، بينما المخطئ تلتمس له الأعذار والمبررات والحالة النفسية! إننا لم نتوحد صفا واحدا في وضع القواعد والأنظمة الصارمة الرادعة للمخربين، بل أخذتنا الرحمة والشفقة، وأصبح أبناؤنا وبناتنا ثمن تلك التضحية، ونحن نذرف عليهم الدموع المحرقة، فهل ينفع الحذر بعد وقوع القدر! فالكل تابع ما حدث للطفلة البريئة تالا الشهري، وأنا على يقين أن كل أب أو أم ذرفت أعينهم، وتقطعت قلوبهم، من قسوة وجبروت تلك الخادمة المتجردة من الإنسانية، إنها جريمة اهتز لها المجتمع بأسره، رحم الله تالا، وجمعها بأهلها في الجنة، وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان، فهذه تالا ذهبت، ولكن ماذا بعد تالا، هل سنتألم لغيرها، وهل سنشغل أنفسنا بخادمات ومربيات، الحلول كثيرة، والبدائل أكثر، ولا نملك إلا أن ندعو عسى أن تشرق شمس يوم جديد مليء بالحب والرحمة والتعاطف والحنان.